آدار برس
حمل الكاتب والاكاديمي السوري الدكتور مهيب صالحة، النظام السوري مسؤولية انهيار قيمة الليرة السورية في سوق صرف العملات، مؤكداً إن عملية وقف نزيف الاقتصاد تتطلب بالدرجة الأولى الوصول إلى حل الأزمة السورية سياسياً.

الدكتور مهيب صالحة
شهدت الليرة السورية انهياراً كبيراً وتراجعاً مقابل العملات الأجنبية منذ إعلان واشنطن فرض المزيد من العقوبات على النظام السوري في إطار عقوبات (قانون قيصر) منتصف حزيران الماضي، وخلال الأسبوعين الأخيريين، شهدت الليرة السورية انهياراً جديداً مما ضاعف معاناة المواطن السوري في جميع المناطق الذي ابتلع الموس على الحدين، في ظل لهيب الأسعار مقارنة بالدخل الشهري.
حول أسباب مواصلة الليرة السورية طريقها نزولاً في سوق العملات، دون أي إجراءات حكومة تحد من هذا الانهيار تحدث لـ “آدار برس” الاكاديمي السوري مهيب صالحة وقال صالحة: “لاتزال الليرة عنوان المرحلة الحالية من المسألة السورية التي بدأت منذ منتصف العام الفائت بتوقف البنك المركزي عن التدخل المباشر وغير المباشر في دعم استقرار سعر صرفها والتوجه إلى تعويمها في سوق الصرف، وكان نقل القرار الاقتصادي من رامي مخلوف ابن خال الرئيس السوري إلى حرمه أسماء الأخرس المؤشر الرئيس إلى هذا الخيار لأن الإدارة السابقة كان من مصلحتها وهي التي تمسك بأكثر من 60% من الاقتصاد السوري المحافظة على استقرار سعر صرف الليرة لأنها كانت تستحوذ على سوق الصرف وعلى معظم مزادات البنك المركزي للدولار بالسعر الذي لا يتجاوز 500 ليرة للدولار إلا في حالات وفترات محدودة جداً، بينما الإدارة الجديدة، وهي بحاجة لإعادة بناء احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية لإعادة تدويره في سياق إعادة إنتاج السلطة ومركزية القرار الاقتصادي والسياسي تبنت سياسة تعدد أسعار الصرف التي تتراوح ما بين الرسمي 438 ليرة للدولار والترجيحي 700 ليرة ثم 1256 وسعر السوق المنفلت من عقاله والذي تجاوز 3500 ليرة في أعلى مستوى له، وذلك للاستحواذ على الفروقات الكبيرة بين أسعار الصرف”.
ووصف صالحة سياسة النظام السوري في هذه المرحلة بـ “قديمة جديدة” وتابع: “تم ممارسة هذه السياسة في منتصف ثمانينيات القرن الماضي على أثر خلو البنك المركزي من أي احتياطي بالعملات الأجنبية ومما أدى أيضاً إلى تدهور سعر صرف الليرة السورية تدريجياً من حوالي أربعة ليرات للدولار حتى بلغ خمسين ليرة للدولار”.
وتحدث الدكتور مهيب صالحة عن أسباب عدة ساهمت في انهيار قيمة الليرة السورية إلى جانب سياسات النظام السوري، مضيفاً: “في هذا السياق تواترت عدة متغيرات جعلت الليرة تتأرجح صعوداً وهبوطاً خلال الأشهر الماضية مما انعكس سلباً على الاقتصاد السوري وإمكاناته الإنتاجية، وعلى السوق السورية من حيث ندرة السلع المحلية والمستوردة وارتفاع أسعارها بشكل جنوني، حجز الأموال السورية في البنوك اللبنانية وقانون سيزر وجائحة كورونا وتوقف الخط الائتماني الإيراني والصراع الروسي الإيراني للاستحواذ على الموارد الطبيعية السورية واستمرار العمليات العسكرية في شمال غرب سوريا وصمت العالم المريب حيال المسألة السورية ووضعها على الرف مؤقتاً”.
وحمل الاكاديمي السوري مهيب صالحة النظام السوري مسؤولية الموجة الأخيرة لانهيار قيمة الليرة السورية واردف: “في السياق ذاته تأتي الموجة الأخيرة من تدهور سعر صرف الليرة والإطاحة بقوتها الشرائية دونما أية استجابة لا من الإدارة الاقتصادية الجديدة ولا من الحكومة أو بنكها المركزي سواء لتفسير حالة التدهور أو اتخاذ إجراءات إسعافية من أجل كبحها لطمأنة السوق وبث جرعة أمل لدى المواطنين الذين فقدوا ثقتهم بقدرة هذه السلطة على وقف حالة التدهور وهي أصلاً من افتعلها ومسؤولة عنها”.
وبيّن صالحة إن الخروج من هذه الحالة الكارثية مرتبط بتحريك عجلة الاقتصاد السوري المرتبط بدوره عضوياً بإعادة الإعمار وعودة اللاجئين والنازحين إلى ديارهم للمساهمة في إعادة الإعمار للأهمية القصوى للموارد البشرية في بدء عملية تعافي الاقتصاد السوري .
وأكد إن متطلبات عودة تعافي الاقتصاد السوري مرتبط بإجاد حل سياسية للازمة السورية التي يدرها اطراف خارجية أبرها الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وختم الكاتب والاكاديمي السوري مهيب صالحة حديثة بالقول: “هذا كله مرتبط بالحل السياسي للمسألة السورية وفق القرار الأممي 2254 ومندرجاته لأن إعادة الإعمار تحتاج إلى تمويلات ضخمة لا يقدر عليها حلفاء النظام السوري, بينما حلفاء المعارضة الأكثر قدرة على التمويل جعلوها وقفاً على الحل السياسي. عندئذٍ، تصير الكرة في ملعب موسكو فإما أن تدفع النظام باتجاه الحل السياسي وفق القرار الأممي الذي ساهمت في صياغته وتبنيه أو تبتلع فشلها على مضد وتكون شريك أساس في فشل الدولة السورية تتخبط في وحولها”.
آداربرس/سهيلة صوفي