آدار برس
أشار دارا مصطفى، عضو هيئة العلاقات الخارجية لحزب الاتحاد الديمقراطي في أوروبا، إلى إن وصول الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن إلى البيت الأبيض سيكون له تأثير على السياسة الخارجية الأمريكية، الأمر الذي دفع كل من تركيا والسعودية إلى التهدئة لحين تبيان الخط الأسود من الأبيض، مؤكداً إن أي تقارب بين الطرفين سيبقى مرحلياً.
برزت مؤخراً معالم تهدئة بين المملكة السعودية وتركيا في ظل تصريحات مسؤولين من الدولتين، امتازت بالتناغم، بعد فترة طويلة من الخلافات لاتزال مستمرة في الخفاء، وخاصة مع استغلال تركيا قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي لمهاجمة مسؤولين بارزين في السعودية واتهامهم بالضلوع في قضية مقتل الخاشقجي، الأمر الذي ضاعف وتيرة التصعيد والقطيعة بين البلدين.

دارا مصطفى
حول هذه المواقف الأخيرة للدولتين تحدث لـ “آدار برس” عضو هيئة العلاقات الخارجية لحزب الاتحاد الديمقراطي في أوروبا موضحاً إن “فوز المرشح الأميركي جو بايدن في الانتخابات الرئاسية، سيكون له تأثير وتغيير كبير في السياسة الخارجية الأميركية، والتي عانت خلال حقبة ترامب من ضياع للأهداف، وغياب لاستراتيجيات الأمن القومي الأميركي”.
وتابع مصطفى: “هنا أعتقد جازماً، أن فوز جو بايدن، والتوقعات المرافقة لتغير السياسة الخارجية الأميركية، هو ما دفع الطرفان للتقارب المرحلي، فتصريحات بايدن السابقة حول إعادة التفاوض حول الملف النووي الإيراني، وانتقاده لملف حقوق الإنسان في السعودية، وبالأخص قضية مقتل الصحفي جمال الخاشقجي، هو ما كان الدافع للسعودية نحو تهدئة القضايا الدبلوماسية الساخنة، والانكفاء نوعاً ما، حتى تتضح ملامح السياسة الخارجية الأميركية، بعيداً عن التصريحات والمواقف السابقة للرئيس المنتخب”.
وفيما يخص تبدل الموقف التركي تجاه السعودية قال مصطفى: “بالنسبة لتركيا، فهي كانت بمثابة الطفل المدلل لترامب وإدارته، خاصة بعد أن أقصى الرئيس ترامب كل القيادات الأميركية المناوئة لتركيا، في الخارجية، أو الدفاع، أو الأمن القومي، ولتسمح القيادة الأميركية حينها لتركيا باحتلال أجزاء من شمال سوريا في عفرين أو سري كانيه وتل أبيض، كما أن القيادة الأميركية السابقة حابت تركيا بملف تعاونها المالي مع إيران، وكسر العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران، حيث تمت عمليات غسيل أموال واسعة النطاق، عبر هالك بنك التركي (بنك الشعب)، وقضية رجل الأعمال التركي الإيراني (رضا ضراب)، الذي اعترف خلال محاكمته في الولايات المتحدة الأميركية، بتورط الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وبشكل شخصي بقضية غسيل الأموال لصالح إيران, كما أن تصريحات الرئاسة التركية المعادية لبايدن، قبيل فوزه في الانتخابات الأميركية، والتصريحات السابقة لبايدن، المؤيدة للكرد، زادت من هواجس الأتراك تجاه القيادة الأميركية القادمة”.
ويرى مصطفى إن أولى نقاط الالتقاء بين البلدين منذ سحب السعودية يدها من الملف السوري.
برزت في تأخر البلدان في تهنئة الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، حتى وصل الأمر لتهنئة الرئيس التنزاني، الذي تم انتخابه في وقت بعد الانتخابات الأميركية، قبل تهنئة الرئيس الأميركي.
وأكد مصطفى إن أي تقارب سعودي تركي سيكون مرحلياً بالنظر إلى حجم الخلافات بين البلدين وتحركات الطرفين على جميع الصعد وأردف: “رغم الرسائل الودية بين الطرفين السعودي والتركي، إلا إن الخلافات بينهما أكبر بكثير من نقاط الالتقاء، وهي خلافات استراتيجية، فتركيا تسعى لانتزاع زعامة العالم الإسلامي من السعودية عن طريق خطابها الشعبوي الديني، ومحاولة استثمار تيار الإخوان المسلمين، ودعمه ضد أنظمة الدول التي تقف في وجه المخططات التوسعية والاستعمارية التركية، كمصر والسعودية والإمارات، بل ومحاولة تطويق السعودية ومصر عسكرياً، عبر إقامة القواعد التركية في قطر، وإرسال الجيوش إلى ليبيا، ومحاولة إقامة القواعد في السودان، كما أن الإعلام الإخواني مازال مستمراً في تشويه صورة السعودية، ومواقفها, إذاً يمكننا القول أن هذا التقارب مرحلي خصوصاً أن حلفاء السعودية كمصر والإمارات ما زالا على موقفهما السابق من تركيا، والتي هي بدورها تعتبر أن تقاربها من السعودية أمر تكتيكي على المدى القريب والمتوسط لا أكثر”.
وأضاف : “أعتقد أن هذا التودد بين الدولتين لن يدوم، خاصة أنه لا أتوقع أن تندفع الولايات المتحدة اتجاه إيران وأن اقترابها سيكون حذراً أكثر من التصريحات السابقة في ظل رفض الحليف الإسرائيلي لهذا التقارب مع إيران، فالملف النووي الإيراني خط أحمر بالنسبة لإسرائيل، التي ستفعل كل ما في وسعها لإثناء القيادة الأميركية الجديدة عن هذا الأمر، كما أن المصالح التاريخية الاقتصادية والأمنية والعسكرية والسياسية بين الولايات المتحدة الأميركية والمملكة السعودية هي أكبر بكثير من قضية مقتل الصحفي السعودي جمال الخاشقجي وخاصة أن القضاء السعودي قام بالفعل بمحاسبة الفاعلين وإصدار أحكام السجن والإعدام بحقهم”.
ويوضح السياسي الكردي دارا مصطفى إن التقارب الحالي لن يكون ذات تأثير على المنطقة بالقول: “نعتقد إن التحالفات السياسية في المنطقة ستبقى كما هي، وستبقى تركيا في ليبيا، وسوريا، وسيبقى تيار الإخوان المسلمين مناوئاً للسعودية لكن مع تخفيض أو إيقاف الحملات الإعلامية بين الطرفين”.
ولفت عضو هيئة العلاقات الخارجية لحزب الاتحاد الديمقراطي في أوروبا دارا مصطفى إلى إن تركيا ورغم محاولة إظهار المرونة مؤخراً تتحيز الفرص لاستكمال مشاريعها التوسعية في المنطقة وختم بالقول: “التحول الوحيد في المنطقة قد يكون في سوريا، مع استمرار عملية إخصاء تركيا للمعارضة السورية، وتدجينها، وتسليم مناطق جديدة للنظام السوري، ولكن دون إنهاء المعارضة، ودون انسحاب تركي شامل، فتركيا ستسعى لإضاعة الوقت حتى مرور أربع سنوات أخرى على أمل وصول إدارة أميركية جديدة، أو حدوث تغيرات إقليمية ودولية، تساعد تركيا على اللعب على التناقضات الدولية، والتوسع مجدداً بعد أن تقوم بتعزيز قواعدها الثابتة في مناطق درع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام”.
آدار برس/سلام أحمد